أنا والحزن
حينما كتب معلمي ملاحظته التربوية علي شهادتي الدراسية بأني ضحوك، لم يكن يدري ما كان يخبئه لي القدر..
كذلك تلك الأنثى حينما كانت تعلق بأني أمتلك وجها طفوليا، وبراءة ملائكية، أيضا لم تكن تعرف بأن القدر سيخونني..
فمنذ
ذلك الوقت والحزن لا يزال يعشش - وبكل وقاحة - في جدران قلبي وبين جوانحي،
راميا إلى الخارج كل معني أو تفسير ممكن لحالة الفرح، وقد حاولت كثيرا أن
أتناول حبوب منع الحزن لكن قلبي (ويا للأسف) اكتسب مناعة شديدة ضدها فهو
لا يزال يتكاثر دموعا وآهات وويلات..
فباتت مهنتي أن أحزن، وأن أمارس
طقوس البكاء مع وسادتي المليئة بالكآبة، والمخبأة تحتها والجاهزة دوما عند
الطلب، فقد قلبتها كثيرا، ورميت بها بعيدا، لكن الأحزان بقيت ملازمة لي
تعصف بكياني، آكلة كل ما تستطيع من فتات روحي.
أما تلك الأنثى فقد
ساهمت فعلا بعد أن أطفأ القدر شمعتها، في ارتفاع درجة سذاجة الكون، لأني
حينما رميت بطفولتي بين ذراعيها، أخذت تزرع ذاك الحزن فوق منديل مضمخ
بالدماء ورائحة التبغ والأرق، وآثار الهزيمة أمام جبروت فعل الخيانة.
الكثير
من الأسئلة تحاصرني، وتفجر في أعماقي تلك الذاكرة المليئة بالأيام وأوراق
الروزنامات، وعقارب الساعات، تلك الأيام المليئة بالحزن والبكاء والكآبة.
وعلي
الرغم من عداوتي القديمة للقلم، لكنه لازال دائما يجذبني كي ينطق بما
أخفيه بين جوانحي من جنون، وحينما أمتطي صهوته (صهوة قلمي) لا أدري لماذا
يجعلني ازداد بكاء.. ودموعا..
فيا أيتها الجدران: إن القلم سيستنطقني..
يا أيتها الأضلع: إن القلم سيحررني..
يا أيها الكون: إن القلم هو من أعلن حالة جنوني..
منقووول