osama elgazzar .
البلد : أم الـــدنيــــــا
| موضوع: رسالة عتاب من إبليس(2) 26/6/2008, 1:08 pm | |
|
أيها لمسلمون، التحدي الذي وعدتُ به العليّ القديرَ أن أزيّن لكم المعاصي، وأحول بينكم وبين طريق الحق، وأجعل حياة كل منكم تدور حول صغائر الأمور كان صعبا في بعض الأزمنة وذلك عندما ازدهرت الحضارة الاسلامية وأضحى فقهاءُ الدين علماءَ في الفلك والطب والفلسفة وعلم النفس والتاريخ والجبر والاجتماع، وكان النقاش يدور حول كل شيء من الالحاد إلى أدق مشاهد الأحاديث الجنسية, فالحرية الفكرية تكاد توردني الردى.
أما في هذا الزمن فأينما وليّت وجهي وجدتكم ترحبون بي، بل تزيّنون لي أخطاءكم وخطاياكم.
في احدى الأمسيات تبادر لذهني الإبليسي العتيد أن أسمعكم على البال توك، وقلت لنفسي لعل هؤلاء الذين يتعاملون مع العلم والتقدم والكمبيوتر وكنوز المعلومات التي لا تنتهي سيكتشفون طريق العقل والمنطق والاستنتاج المستقيم والاستدلال بالموضوعية، فإذا أنا أمام سيارات مفخخة من الكراهية يؤكد الانتحاري الإنترنيتي أن الله منحاز إليه، وأن الطائفة الأخرى سيُحمىّ عليها في نار جهنم خالدين فيها، وأن تاريخ المخالفين لهذا المسلم المفخخ يبدأ بالتزوير وينتهي بتزييف أوراق الدين.
آلاف من المسلمين يحاربون مخالفيهم من المسلمين الآخرين، ويلعن الشيعةُ اخوانَهم السُنة، ويدعو السُنّة ربَّ العالمين أن يُنَزّل غضبَه على اخوانهم الشيعة.
قلت لنفسي: تلك معارك صنعها المسلمون لمساعدتي في التحدي الالهي، وأنني لا أحتاج كثيرا لأغوينهم أجمعين أو أكثرهم.
ماذا لو أنني ركزت الجهد في الوسوسة داخل أرض الكنانة، فهي مُحَصّنة بالطهر والعفاف، وفيها الاخوان المسلمون منذ عام 1928، وترتفع عشرات الآلاف من المآذن في سمائها من الثغر وحتى الحدود السمراء لشريكهم في النيل الخالد .. السودان، وكل المسلمين يتحدثون في الدين وعن الدين في اليقظة والمنام، ونساء أم الدنيا يرتدين الحجاب، وكل من تظهر خصلات شعرها تردعها نظرات غاضبة، فإذا ارتدت الحجابَ كنتيجة طبيعية للعقل الجماعي فإن الدعوة للنقاب لا تتوقف؟
وكانت المفاجأة التي كادت تصيبني في مقتل قبل يوم القيامة. فكل مظاهر التدين الذي احتفلتم به لم تجعلكم تتعرفون على طريق الاسلام الصحيح، ومع دخول الدولة كلها من شبابها ورجالها ونسائها إلى اعلامها ومسؤوليها وفنانيها وسياسييها مرحلة المزايدة الدينية، لم يعد الأمر يحتاج مني إلا أن أبعث أحد تلاميذي الأكثر بلادة وغباء وتخلفا طالبا منه أن يتولى بنفسه مهمة الوسوسة في أعرق بلاد الدنيا.
الصورة الظاهرة هي مجتمع اكتشف هويته في لعبة المزايدة الدينية، والصورة الحقيقية أكثر هولا من زلزلة الساعة، فعدد مدمني المخدرات ناهز نصف المليون غائب عن الدنيا، والفساد نخر في عظام الدولة كلها، والرشوة لا تتعارض مع الصلاة، والغيبة والنميمة خلف نقاب، والخمول والكسل والأمية والمحسوبية والواسطة والكذب شقت طريقها عندما اكتشف المسلمون أن الاسلام ليس مناهضة الظلم ومعارضة الاستبداد وأنه لا علاقة له بالجد في العمل، والشرف في المواثيق، والتسامح مع المخالفين، واعتبار الغش أكبر الجرائم وأحط الخطايا في عرف الرسالة السماوية.
في مصر كل المسلمين دعاة، وكل الدعاة قضاة، وكل القضاة يحملون سيف العدالة ويدافعون عما وجدوا عليه آباءهم، لكنك لا تستطيع أن تنجز مهمة واحدة في مكان يغلب على العاملين فيه الطابع الديني وتنتشر اللحية والحجاب والنقاب إلاّ أن تضع يدك في جيبك وتنفح محدثك اكراميةَ غضِّ الدين الطرفَ عن الخطيئة.
قلت لنفسي لعل هناك جانبا ايجابيا من هذا التدين الذي اكتسح مصر كلها، فالتسامح قيمة قرآنية لا يخطئها إلا كفيف البصر والبصيرة، والتعامل مع شركاء الوطن .. أقباط مصر سيكون نموذجا لفهم المسلم دوره في توسعة رقعة التسامح والتراحم والعلاقات الجميلة والنبل الأخلاقي واحترام عقائد الآخرين واعتبار الوطن شراكة سامية ومميزة لاتفرق بين أحد منهم، لكنني وجدت المسلمين الجدد أكثر تعصبا وتشددا وتمييزا وتفريطا في حق الآخر أن يختلف عنهم، فبدأ عقد اجتماعي تاريخي ينفرط بين المسلم والقبطي.
وجدت في مصر ملايين المسلمين الذين لو دعاهم داع لتمرد أو عصيان أو رفض للمهانة أو تلاحم من أجل الكرامة أو اكتشاف الاسلام في الدفاع عن المظلومين والمضطهدين لما تحرك من تلك الملايين حفنة لا تهزّ صولجان طاغية، ولا تؤرقه هنيهة أو لحظة خاطفة، لكن هؤلاء المسلمين على استعداد لحشد مظاهرة مليونية للدفاع عن حق تلميذة مسلمة فرنسية في مدرسة في تولوز أو نورماندي أو بوردو أو مارسيليا لارتداء غطاء الشعر
محمد عبدالمجيد .. رئيس تحرير مجلة طائر الشمال أوسلو النرويج | |
|
فتفوته حالـم نشيــــط
البلد : مصر
| موضوع: رد: رسالة عتاب من إبليس(2) 30/6/2008, 1:26 am | |
| ما شاء الله موضوع فعلا جميل وطريقه كتابته حلوه جدا ربنا يبارك فى صاحب هذا الموضوع وفيك لانك نقلتلنا هذه الكلمات الجميله
| |
|